دَخْلٍ فَتِيٌّ صَغِيرٌ إِلَى مَحَلِّ تَسَوُّقٍ, وَجَذْبٌ صُنْدُوقًا إِلَى أَسْفَلَ كابينة الهَاتِفُ, وَقَفَ أَلْفَتَي فَوْقَ الصُّنْدُوقِ لِيَصِلْ إِلَى أَزْرَارِ الهَاتِفِ, وَبَدَأَ بِاِتِّصَالٍ هَاتِفِيٍّ, اِنْتَبَهَ صَاحِبٌ المَحَلُّ لِلمَوْقِفِ, وَبَدَأَ بِالاِسْتِمَاعِ إِلَى المُحَادَثَةِ الَّتِي يُجْرِيهَا أَلْفَتِي.
قَالَ الفَتَى: "سَيِّدَتُي: أَيُمْكِنُنِي العَمَلُ لَدَيْكَ فِي تَهْذِيبِ عُشْبِ حَدِيقَتِكَ?", أَجَابَتْ السَّيِّدَةُ: "لَدَيَّ مَنْ يَقُومُ بِهَذَا العَمَلِ", قَالَ الفَتَى: "سَأَقُومُ بِالعَمَلِ بِنِصْفِ الأُجْرَةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا هَذَا الشَّخْصُ", أَجَابَتْ السَّيِّدَةُ بِأَنَّهَا رَاضِيَةٌ بِعَمَلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا تُرِيدُ اِسْتِبْدَالُهِ.
أَصْبَحَ الفَتَى أَكْثَرَ إِلْحَاحًا, وَقَالَ: "سَأُنَظِّفُ أَيْضًا مَمَرُّ المُشَاةِ, والرّصيف أَمَامَ مَنْزِلِكَ, وَسَتَكُونُ حَدِيقَتُكَ أَجْمَلُ حَدِيقَةٍ فِي مَدِينَةٍ بَالْم بِِيتْش فلوريدًا", وَمَرَّةً أُخْرَى أَجَابَتْهُ السَّيِّدَةُ بالنّفي, تَبَسَّمَ الفَتَى وَأَقْفَلَ الهَاتِفَ.
تَقَدَّمَ صَاحِبٌ المَحَلُّ, وَالَّذِي كَانَ يَسْتَمِعُ إِلَى المُحَادَثَةِ, مِنْ الفَتَى وَقَالَ لَهُ: "لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي هِمَّتُكَ العَالِيَةُ, وَأَحْتَرِمُ هَذِهِ المَعْنَوِيَّاتِ الإِيجَابِيَّةَ فِيكَ, وَأَعْرِضُ عَلَيْكَ فُرْصَةً لِلعَمَلِ لَدَيَّ فِي المَحَلِّ", أَجَابَ الفَتَى الصَّغِيرُ: "لَا, وَشُكْرًا لِعَرْضِكَ, إِنَّي كُنْتُ فَقَطْ أَتَأَكَّدُ مِنْ أَدَائِي لِلعَمَلِ الَّذِي أَقُومُ بِهِ حَالِيًّا, إِنَّنِي أَعْمَلُ لَدَى هَذِهِ السَّيِّدَةِ الَّتِي كُنْتُ أَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا